الإحتفال برأس السنة الأمازيغية يناير 2971 الموافق لــــ 12 جانفي 2020

الشيخ لخضر محجوبي PDF طباعة أرسل إلى صديق

الشيخ محمد بن محمد لخضر محجوبي السائحي الامام المربي 1912-1982

قال ابن عقيل النحوي الفقيه الحنبلي : " إني لا يحلُّ لي أن أضّيع ساعة من عمري حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة أومناظرة وبصري عن مطالعة أعملت فكري في حال راحتي وأنا مستطرح) تلك هي صورة الشيخ المعلم الداعية الرجل القرآني الذي لا يعرف الفتور ولا الراحة ولا الغفلة ، فالراحة للرجال غفلة كما قال الفاروق عمر رضي الله عنه ، وهذه سمات العلماء الصالحين أمثال الشيخ سي محمد بن محمد لحضر محجوبي السائحي الذي عاش حياة كلها للعلم والقرآن وهدي العدنان رافعاً راية التبليغ جامعاً الناس حوله مفتاح خير للأمة أينما حلَّ وارتحل رحمه الله تعالى .

المولد والنشأة:

وُلـد الشيخ سي محمد بن محمد لخضر محجوبي السائحي ببلدية العالية في دائرة الحجيرة بولاية ورقلة سنة 1912م في أسرة عريقةٍ الحسب والنسب وبين أحضان هذا المحضن الطيب تربى ونشأ ، وكعادة أبناء بلدته قرأ القرآن صغيراً فحفظه على يد شيوخ البلدة أمثال سي محمد بن الزاوي وخليفة بن عبد القادر ، كما توج علومه بحفظ متون الفقه المعتمدة إذ كان يراجع لوحه على ضوء القمر أوألسنة لهب جريد النخل ، ورغم كونه سابع ست بناتٍ فقد كان والده رحمه الله يقسو عليه أحياناً ليدفعه لمزيد حرصٍ وجد واجتهاد إلى أن جاءت الفرصة السانحة التي طالما انتظرها ليسافر إلى عاصمة المعارف الزيتونة بديار تونس الزاخرة بالعلماء والتي كانت ملجأ علم وتربية لجيل العلم في المغرب العربي عامة والجزائر خاصة حيث التحقت بها قوافل الطلبة أمثال الشيخ عبد الحميد بن باديس وزمرة من أقرانه وتلاميذه أمثال الشيخ العربي التبسي وعيسى سلطاني وعبد الله شريط وأحمد ذياب وأحمد حماني ومصطفى بن سعد الجيجلي ومحمدّ عبد الرحمن المسعدي وأبو بكر الحاج عيسى وآخرين كثيرين ، وفي هذا الجو العلمي الفواح رفع الشيخ سي محمد بن محمد لخضر لواء الجد والإجتهاد ليتحصل على " شهادة الأهلية " من الجامع الأعظم متأهباً مجتهداً لتحضيرشهادة التطويع إلا أن الظروف الأسرية منعته من ذلك بوفاة عمه الأكبر حيث تحمل والده عبء العائلة فعاد إلى بلدته وقد اكتسب المعارف والعلوم واجازته مقرأةُ الجامع الأعظم بالزيتونة في علم الترتيل برواية ورش وقالون ولم يمض سوى عامٍ على عودته حتى رُزئ بوفاة والده لتجبرهُ الظروف مرة أخرى للسفر والتجوال متنقلاً بين العالية والوادي والمقارين بتقرت ليستقر به المقام في ورقلة نهاية سنة 1941 م .

الحياة العلمية :

لقد بدأ الشيخ سي محمد بن محمد لخضر السائحي حياته في ورقلة متطوعاً في مساجدها رافضاً التوظيف أثناء الاستدمار الفرنسي الذي ألحق به وبولده الأكبر محمد لخضر رحمه الله أذىً كثيراً بسبب مواقفه وتأييده للثورة المسلحة ، وبعد الاستقلال مباشرة عين إماماً مدرساً بالمسجد العتيق بورقلة " لالة مالكية " الذي عرف بذلك لقربه من مسجد الأباضية ، فظلَّ لسنواتٍ موظفاً هناك يلقي دروسه بعد صلاتي الظهر والعصر ، ونظراً لأهليته وتمكنه فقد التزم مجلسه الكثيرون إذ كان أسلوبه مميزاً يشد له الأنظار حيث يعتمد الإسقاط والتأصيل وضرب الأمثلة من الواقع في مسحة ٍروحانية إيمانية تكلَّل دروسه . وبعد افتتاح مسجد أبي ذر الغفاري وسط ورقلة سنة 1967م الذي أشرف عليه المرحوم بوعافية عُينّ الشيخ سي محمد إماماً خطيباً ، ومن ذلك المنبر الكريم راح يرسل أنوار علمه إلى أن توفاه الله تعالى شيخاً مربياً وعالماً مفتياً .

علاقته بالعلماء:

كغيره من العلماء كان رحمه الله حريصاً على مجالسة أهل العلم والخير والإحسان فقد كانت تربطه صلات وثيقة بمفتي ورقلة الشيخ مسروق محمد بن الحاج عيسى والشيخ الطاهر بن العبيدي في تقرت وكذا الشيخ الطاهر بن دومة في تبسبست وقطب أهل العلم في الجلفة سي عطية مسعودي وكذا الشيخ بن ناجي الغويني نزيل مسعد العارف بعلم الميراث) وقـد حدثني عن الشيخ الطـالب حمـزة خضران والشيخ سي محمد بن لخضر رحمهما الله تعالى ، كما ربطته علاقات بالشيخ سي محمد بلكبير توجها بزيارة لزاويته بأدرار سنة 1977 م أما فضيلة الشيخ محمد باي بلعام رحمه الله فقد أورده في صياغ الحديث عن سلسة العلماء الذين سعد بلقياهم قال عنه : " كان عالماً جليلاً أول ما تعرفت عليه وأنا صغير سنة 1372 هـ في ورقلة حيث سألني عن والدي وعند وداعي مكنني رسالة يثني فيها عليه ، ثم أني تلاقيت معه مراراً وزرته في منزله وحضرت دروسه وقراءته لكتاب الله وكلما مررت على قوله تعالى وعباد الرحمن تذكرت الشيخ سي محمد لخضر رحمه الله) كما كانت له صلات وطيدة بفقهاء ورقلة كالشيخ بريقش والشيخ بونوة والشيخ الإمام النقوسي والطالب محمد ناجي قريشي تجمعهم جلسات مع الشيخ محمد عبد القادر بلعالم الذي كان يقيم عند عرش أولاد إبراهيم في الرويسات حيث جمعتهم عدة جلسات وولائم عندالحاج سليمان في عين إبراهيم كما ذكر لي ذلك الحاج إبراهيم بن الشاوي " .

تلاميذه:

لقد تتلمذ على يد الشيخ سي محمد بن محمد لخضر جيل من العارفين منهم الأئمة والقراء والأساتذة وغيرهم ، ومن أبرز تلاميذه الشيخ الطالب الطيب باعمر إمام المسجد العتيق بورقلة و الشيخ الطالب محمد بن بلخير دادنة وكذا الشيخ الطالب حمزة خضران الذي يعترف له بفضل ادخال علم الترتيل لمدينة ورقلة وكذا الشيخ الطالب عمـار الداوي الذي درس عنه علم الترتيل والحكم العطائية لابن عجيبة ومن تلاميذه أيضاً الشيخ الطالب محمد محجوبي معلم أولاده القرآن إمام مسجد أبي ذر الغفاري وكذا الطالب بريقش ومن حاسي مسعود كان يقصده الشيخ الإمام أحمد بوحامدي رحمه الله والشيخ بن ناجي الغويني نزيل ديار مسعد كما جالسه أيضا الأستاذ المرحوم عبد القادر قريشي الذي أخذ عنه دروساً في علم اللغة والبيان ومن جلسائه أيضا الطالب فتح الله عبد الرحمن وآخرين ، كما ترك من أبناء صلبه رايات قرآنية وعلمية كالشيخ محمد الصالح محجوبي المقرئ الداعية وكذا الشيخ السعيد المعروف بعمار وهو إطار سابق في وزارة الشؤون الدينية مقرئ وفقيه .

ورعه وتقواه:

عاش الشيخ رحمه الله حياة زهد وورع فقد كان رحمه الله كثير البكاء والذكر والدعاء لايفتر لسانه ، يقول عنه بعض العارفين : ما إن يكمل رحمه الله خطبة الجمعة الأولى حتى تبلل لحيتهُ وصدره بالدُّموع) وقد عرف بعلمه الراسخ ووسطيته في الأحكام الفقهية والفتوى ، ولعل من أبرز مناقبه أنه تفهَّم الصحوة الإسلامية المباركة في بدايتها فلم يبد معارضته بل ترّيث حتى ألمَّ بها وسبر أغوار فكرها لمعرفة روادها وقادتها خصوصاً الأستاذ خالد الشنتوت فظل قريباً من أتباعها ناصحاً موجهاً بل مؤيداً وداعماً في كثير من المواقف كما روى لي ذلك نجله الشيخ محمد الصالح .

آثـاره:

لقد ترك الشيخ سي محمد بن محمد لخضر رحمه الله مكتبة ثرية تنوعت كتبها تنوع علومه ومشاربه هي خير ميراث تركه لأولاده بعد القرآن والتربية والعلم الذي كان مُشجِعَّا لهم في طلبه ، كما ترك مجموعةً من الخطب والدروس نأمل أن يسارع أحد أبنائه في تحقيقها وطبعها لتعَّم الاستفادةُ منها .

وفـاتـه :

بعد حياة زاخرة بالعلم والعطاء والذكر والشكر والدعاء رحل الشيخ سي محمد بن محمد لخضر إلى الدار الباقية تاركاً خير الصدقات ، كان ذلك يوم عاشوراء سنة 1401هـ المـوافق لـ 27 أكتوبر 1982م ونُقل جثمانه إلى مقبرة العالية مسقط رأسه فرحمه الله وأسكنه فسيح جنّاته .

 

بقلم: إبراهيم بن ساسي

 

 

إعلان

حدث في مثل هذا اليوم

28 فيفري 1913 : اصحفي الجزائري الثائر "عمر بن قدور " يصدر جريدة " الفاروق " باللغة العربية التي تعتبر أوّل جريدة إصلاحية في الجزائر .

28 فيفري 1961 : اختتام أشغال اللجنة الدولية للتضامن مع الشبيبة الجزائرية باستوكهولم عاصمة السويد ..

شاعر الثورة, مفدي زكرياء
مفدي زكريا 1908-1977 شاعر الثورة الجزائرية ومؤلف النشيد الوطني الجزائري قسما الذي تضمن أبدع تصوير لملحمة الشعب الجزائري الخالدة, في بلدته تلقّى دروسه الأولى في القرآن ومبادئ اللغة العربيّة. بدأ تعليمه الأول بمدينة عنابة حيث كان والده يمارس التجارة بالمدينة ثم انتقل إلى تونس لمواصلة تعليمه باللغتين العربية والفرنسية وتعلّم بالمدرسة الخلدونية، ومدرسة العطارين درس في جامعة الزيتونة في تونس ونال شهادتها.

عداد الزوار


الزيارات اليوم:473
الزيارات أمس:601
الزيارات خلال هذا الشهر:11,340
الزيارات خلال الشهر الماضي:9,412
مجموع الزيارات:3,892,398
مجموع الصفحات المقروءة:4,669,676

مواقع مهمة

جامعية قاصدي مرباح ورقلة

موقع ولاية ورقلة